الجمعة، 25 ديسمبر 2015

اللقاء الثالث- لنفتح الأبواب 2- الحديقة الصخرية

 
نيكوس كازنتزاكيس
 
تاريخ اللقاء:30 نوفمبر 2015
مديرة الحوار: د.سعاد الصبيحي
 
 


عرضت علينا مديرة الحوار محاور اللقاء وهي كالتالي : 

 أولا :الشعر والترجمة
ثانيا : عن الكاتب
ثالثا : التأرجح مابين السماء والارض و مناقشة كل من (العقل – القلب – الأمل –الفعل –الصمت )
رابعا :العودة

 أولا: الشعر والترجمة :

بدأت أمسيتنا بالاستماع لقصيدة لمحمود درويش حيث وضعتنا مديرة الحوار في أجواء شعرية . استمتعنا بالقصيدة..بلغتها ، بمعانيها ، وبأجواء محمود درويش.
ثم طرحت علينا تساؤلاً: ماذا لو سمعنا هذا الشعر بلغة أخرى غير العربية؟ ...إلى أي مدى سيتأثر المعنى؟
كان ذلك مدخلاً لمناقشة الترجمة ومدى تأثر المعنى بالترجمة فالكاتب شاعر وفيلسوف ولاشك أن الترجمة سرقت من المعنى , كان هناك شبة اتفاق بين العضوات أن الكتاب صعب القراءة ولم يستطع الأغلب الاسترسال بقرائته !!!
عُرضت بعض أسماء المترجمين وكيف أن كثيراً من الأعمال العالمية لا تقيم فقط بكاتبها بل بمترجمها أيضاً. ويمكن أن يوجد العمل الواحد بأكثر من ترجمة وبالتالي يكون التفضيل فيها بحسب لغة المترجم.

ثانيا : عن الكاتب 


 انتقلت بنا مديرة الحوار الى الحديث عن بعض جوانب من حياة الكاتب محاولة لفهم أسلوبه وفكره في الكتابة

نيكوس كازانتزاكيس
هو كاتب و فيلسوف يوناني ولد في جزيرة تكريت (١٨فبراير١٨٨٣)  توفى (٢٦أكتوبر١٩٥٧)وقد اشتهر بروايته (زوربا اليوناني)

نيكوس كازانتزاكيس والسياسة
كان والده (الكابتن ميخائيل) ضمن الذين حاربوا الأتراك. وكان يؤمن: "بأن النضال لا يقتصر على القتال، بل يكون أيضاً بالعلم" أرسل ابنه لدراسة الحقوق في مدرسة القانون في اثينا. تطوع في العام 1912 في الجيش اليوناني في حرب البلقان، وعمل في السياسة لفترة قصيرة، ثم عُيِّن وزيرًا في الحكومة اليونانية في العام 1945

 نيكوس كازانتزاكيس بين حضارتين: الشرق والغرب
عين مديرًا في اليونسكو في العام 1946. وكانت وظيفته العمل على ترجمة كلاسيكيات العالم لتعزيز جسور التواصل بين الحضارات، خاصة بين الشرق والغرب.

تسائلنا :أين هم العرب من الحضارة الشرقية و الغربية ؟
تناقشنا كيف أن الشرق رغم تفوقه في الروحانيات في جميع بلدانه تقريباً إلا أن ذلك االأمر تغير جداً حيث بدأت روحانياته العريقة تصبح أمراً من التاريخ وبدأ اتجاهه بشدة نحو الماديات.

تسائلنا هل الروحانية مرتبطه بالدين؟ وللإجابة على هذا التساؤل تولد سؤال آخر وهو : مالمقصود بالدين أساسا؟ هل نقصد بها فقط الأديان السماوية والتي كانت في منطقة الشرق الأوسط؟ ماذا عن الديانات الشرقية وأصولها؟ هل يوجد من ضمنها دين سماوي يمكن اعتباره من الأديان والرسل التي لم تُقصص علينا؟ هل فكرة الدين تعني "الإيمان" ؟ وبغض النظر عما يمكن الإيمان به تتوالد الروحانية طالما أن هنك إيمان؟

نيكوس كازانتزاكيس والتصوف
درس التعاليم البوذية في فيينا ،يقول كازنتزاكيس في بوذا:

(من بين الناس الذين ولدتْهم الأرضُ جميعًا يقف بوذا متألقًا في الذروة، روحًا نقية خالصة، دون خوف أو ألم، مليئًا بالرحمة والحكمة. كان يمدُّ يده ويفتح الطريق إلى الخلاص وهو يبتسم بوقار، والكائنات كلُّها تتبعه دون تفكير، وتخضع بحرية)


لقد كان بوذا في نظر كازنتزاكيس المرشد الذي نظَّم فوضى أسئلته، وأعطاه السكينة والسلام الداخليين.
تناول الكاتب في هذا الكتاب لبعض مفاهيم التصوف لكنها ليست واضحه وعميقه كما في كتبه الأخرى، مثل الإغواء الأخير للمسيح، والكوميديا الإلهية لدانتي.

 حالما نولد تبدأ العودة...
نجيء من هاوية مظلمة وننتهي إلى هاوية مظلمة، ونسمي الفاصل المضيء: الحياة.
كل هذا العالم الذي نراه، ونسمعه، ونلمسه، هو ذاك المتاح للحياة البشرية، إنه تكثيف للقوتين الكبيرتين للكون
تهبط إحدى القوى وتريد أن تتبعثر، أن تهدأ، أن تموت. تصعد القوة الأخرى وتجاهد من أجل الحرية، والخلود.
انحدار نحو التفكك، نحو المادة، نحو الموت
ارتقاء نحو التركيب، نحو الحياة، نحو الخلود
هذان الجيشان المظلم والمضئء، جيشا الحياة والموت، يصطدمان بشكل دائم. والإشارات المرئية لهذا الإصطدام هي بالنسبة إلينا النباتات والحيوانات والبشر


 هذه كانت من كتابات كازانتاكس وهي تبين حسه الصوفي والروحاني ومما سبق سيكون محرك نقاشنا: الصاعد إلى السماء والهابط إلى الأرض والاصطدام بينهما.

عبارة طلب أن تكتب على التابوت عند وفاته:
"لا آمُل في شيء، لا أخشى شيء، أنا حر"



ثالثا : التأرجح مابين السماء و الأرض
بدأت مديرة الحوار تقرأ لنا بعض من ما كتب الكاتب حول مفاهيم مختلفة على التوالي و طلبت منا أن نذكر الى اي اتجاه يأخذنا كل مفهوم..... الى السماء ام الارض و لماذا ؟ وكان هناك كروت زرقاء بلون السماء وكروت خضراء بلون الارض لكي نضعها على الشريط المعد . 

 العقل
الشمس تشرق وتغرب في جمجمتي. النجوم تشع في دماغي، الأفكار، الرجال، الحيوانات ترعى في رأسي المؤقت...
دماغي يمحو وعندها يختفي كل شيء مع السماء والأرض...
لماذا نبدد أنفسنا في مطاردة المستحيل؟ داخل الحيز المقدس لحواسنا الخمس من واجبنا أن نعترف بحدود الإنسان...
واجب الإنسان الأول هو أن يرى ويقبل حدود الذهن البشري دون تمرد لا طائل منه، وأن يعمل ضمن هذه القيود الحادة دون توقف أو احتجاج...


 اختلفت آراء التوقات وتأرجحت فالبعض رأى ان العقل ياخذنا باتجاه الأرض فالعقل يضعنا أكثر على أرض الواقع ولعقلانية هي بشكل أو بآخر مضادة للإيمان وللتوجه السماوي، العقلانية تطلق كثيراً من الأسئلة ، والإيمان والغيبيات أمران لا يحتملان أسئلة، والبعض رأى العقل يأخذنا باتجاه السماء للأعلى فكل ما عرفت أكثر كل مازاد ايمانك بالله أكثر خاصة أن التكليف تبدأ باشتراط العقل فكيف يمكن أن يكون الإيمان نقيضاً للعقل؟
وبالمجمل.. حاز العقل على الأعلى باتجاه السماء الأصوات الأكثر

القلب
لن أقبل الحدود... أختنق... إن الواجب الثاني هو أن أنزف في هذا الألم وأعيشه بعمق...
يرن أمر في أعماقي: احفر! مالذي تراه؟
رجالا وطيورا وأحجارا... احفر أعمق! مالذي تشاهده؟
أفكارا وأحلاما، أخيلة وايماضات... احفر عميقا أكثر!
لا أرى شيئا! ليلا ساكن كثيف كالموت. لا بد أنه الموت.
احفر عميقا أكثر!
آه لا أستطيع أن أخترق الحاجز المظلم! أسمع أصواتا وبكاء. أسمع رفرفة أجنحة على الشاطيء الآخر
لا تبك، لا تبك! ليست على الشاطئ الآخر. الأصوات والأجنحة والبكاء هي قلبك...
دمر جميع الحدود، مت كل لحظة لكن قل إن الموت غير موجود


 حاز القلب على الأعلى باتجاه السماء الأصوات الأكثر



الامل
اللحظة ناضجة: اترك العقل والقلب وراءك، تقدم إلى الأمام، قم بالخطوة الثالثة.
حرر نفسك من الرضا البسيط للعقل الذي يفكر بوضع جميع الأشياء في نظام آملا أن يخضع الظواهر. حرر نفسك من رعب القلب الذي يبحث ويأمل أن يجد جوهر الأشياء
اغز الأخير، الإغراء الأعظم لكل شيء: الأمل
هذا هو الواجب الثالث...
دون أمل، لكن بشجاعة، من واجبك أن توجه القيدوم نحو الهاوية وأن تقول: (لا شيء يوجد)


 حاز الأمل على أصوات أكثر بأنه للأسفل باتجاه الأرض، الأمل يجعل الإنسان يتباطئ ، يثق ، وينتظر، وبالتالي يفقد شيئاً من حريته؟

الفعل
إن الشكل المطلق الأكثر قداسة للنظرية هو الفعل
الفعل هو البوابة الأوسع للحرية، وحده يستطيع أن يجيب على تساؤلات القلب وتعقيدات العقل والمنطق والمادة
مالذي نعنيه بالعمل؟ أن نملأ الدائرةالبشرية بالرغبات، بالقلق، وبالأفعال، أن ننتشر ونصل إلى حدود لا تقدر على احتوائنا فتتفسخ وتنهار. من خلال هذه الطريقة في التعامل مع المظاهر، نوسع الجوهر ونزيده، فتكتسب عودتنا إلى الظواهر، بعد اتصالنا مع الجواهر قيمة لا تقدر.


 حاز الفعل على الاتجاه للأعلى نحو السماء.الفعل يقربنا من أهدافنا ومن إنجازنا، لكن ماذا عن الفعل الشرير الذي يحقق غاية شريرة؟ هل هناك فعل شرير وغاية شريرة أن أن الموضوع نسبي ويختلف بحسب موقعنا منه أصلاً؟

الصراع
نحن كائنات بشرية ، بائسون جميعا، بلا قلب، تافهون. لكن في داخلنا يسوقنا جوهر متفوق إلى الأعلى دون رحمة.
إن البشرية كتلة طين، كل واحد منا قطعة طين. ما هو واجبنا؟ أن نصارع بحيث يمكن أن تنمو زهرة صغيرة من كومة قمامة لحمنا وعقلنا...
من المقابلة العابرة للقوى المتعارضة التي تؤلف وجودك، جاهد كي تخلق أي شيء خالد يخلقه كائن فان في هذا العالم – صرخة...
مت كل يوم، انبعث كل يوم. الفضيلة المتفوقة هي أن لا تكون حرا وإنما أن تقاتل من أجل الحرية...


 حاز الصراع على أصوات أكثر بكونه في لاتجاه للأعلى نحو السماء ، الصراع يعني تقاتل قوتين والأفضل هي التي تبقى، لكن من يحدد الأفضل؟ هل هي الأقوى؟ الأكثر تأثيراً؟ هل نرى الأمور بشكل مختلف بعد عدد طويل من السنوات مما يسبب تغير نظرتنا لما كنا نراه ظالماً أو غير جدير؟

الصمت
الكون دافئ، محبوب، مألوف، وتصدر عنه رائحة كرائحة جسدي. إنه الحب والحرب، قلق غاضب، إلحاح وغياب لليقين.
غياب اليقين والرعب. في لمعة برق عنيفة أميز، على أعلى قمة للقوة، الزوجين الأخيرين ، الأكثر هيبة، يتعانقان: الرعب والصمت. وبينهما، لسان لهب.


حاز الصمت على الأصوت الأكثر للأسفل باتجاه الأرض، باعتبار الصمت شكل من أشكال الموت.

هل للعودة نهاية؟ بهذه العبارة ختمت مديرة اللقاء الحوار
التقت ريحان عنيفتان متعارضتان، إحداهما ذكر والأخرى أنثى، واصطدمتا عند مفترق طرق. للحظة، وازنتا بعضهما، تكثفتا وأصبحتا مرئيتين...
هذا التقاطع هو الكون

 انتهى اللقاء و مازال بعضنا محلق في السماء و البعض الاخر سيعود لقراءة الكتاب او استكماله فقد نجحت مديرة الحوار بان تقنعنا بالرجوع للكتاب وتامل بعض العبارات العميقة .

الكتاب الجديد:
1984
جورج أورويل..
 
قراءة ممتعة حتى نلتقي.