الجمعة، 3 أبريل 2015

اللقاء السادس- لنفتح الأبواب- سمراويت

 
حجي جابر
المركز الثقافي العربي
 
تاريخ اللقاء:30 مارس 2015
مديرة الحوار: فاطمة بادكوك
 
احترنا في التصنيف الجغرافي لروايتنا في هذا اللقاء ، هل تعتبر من الأدب الأفريقي أم السعودي؟  في النهاية أعجبنا هذا التمازج بين قارتين وثقافتين..
 
كانت أمسيتنا كالتالي:
التعريف بالكاتب والحديث عن اريتريا.  8:30-9:00
عن أسلوب الرواية وبعض الآراء. 9:00 – 9:30
طرح أسئلة النقاش. 9:30 - 10:15
التقديم للرواية الجديدة. 10:15 – 10:30
 
عن الكاتب والجائزة:
مامعنى كلمة سمراويت:

سمراويت، هو اسم أنثوي شهير في إريتريا وإثيوبيا، وهو هنا اسم شخصية رئيسية من شخصيات الرواية يغرم بها بطل القصة حين يلتقيها في أسمرا، لكن الاسم حتماً لا ينتهي عند هذه الفتاة، بل يتعداها لينوء بحمل كل ما تطرق إليه العمل عن إريتريا، فسمراويت هي الوطن بحضوره وغيابه، بجماله وبتلك اللحظات بالغة القسوة. والذين قرأوا العمل لاحظوا حتماً أن سمراويت الأنثى تلاشت في النهاية دون ضجيج من أجل سمراويت الوطن.
 كثير من التواقات علقن بأن رمز سمراويت "كوطن" لم يصل إليهن، كما قلن إن قصة الحب كانت مقحمة وغير مقنعة خاصة في بداية الرواية حين يصل للقارئ حب البطل لسمراويت بدون  مصداقية كافية، لكن بعد القراءة أكثر تصبح هذه العلاقة جميلة ومبررة: كلاهما نصفه أريتري والنصف الآخر ينتمي لمكان آخر، كلاهما يتشاركان في اكتشاف هذا الجزء الذي يشتركان فيه ويتمتعان بهذا الاكتشاف...كان حباً في الوقت والمكان المناسبين، لكن ماذا لو تزوجا؟ هل كان الحب سيستمر ؟
 
عن الكاتب: حجي جابر
حجي جابر، صحفي وروائي إرتري من مواليد مدينة مصوع الساحلية 1976 *حاصل على بكالوريوس علوم اتصال *عمل في الصحافة السعودية لسنوات *عمل مراسلاً للتلفزيون الألماني "دويتشه فيلله" في السعودية * يعمل حالياً كصحفي في غرفة الأخبار بقناة الجزيرة القطرية *حصلت روايته "سمراويت" على جائزة الشارقة للإبداع العربي 2012، يقيم حاليا في الدوحة بقطر.
 
عن جائزة الشارقة التي حصلت عليها الرواية:
تجدر الإشارة إلى أن جائزة الشارقة للإبداع العربي التي تصدر عن دائرة الثقافة والإعلام بإمارة الشارقة تهدف إلى مكافأة الأعمال التي تساهم في تشجيع الثقافة والتراثالعربي، الى جانب تحفيز المبدعين ودعمهم مادياً ومعنوياً، والمساهمة في رفد حركة النشر العربي بإصدارات لأعمال إبداعية في حقول متعددة، عبر التكفل بطباعة جميع الأعمال الفائزة بمراكز الجائزة، وقيمة مادية تقدر بستة آلاف دولار للمراكز المتقدمة،مع الاحتفاظ الجائزة لنفسها بحقوق الطبعة الأولى من هذه الأعمال.
 
رأي الكاتب عن روايته في بعض المقابلات الصحفية:


الرواية ليست سيرة ذاتية على أي حال، لكنها تلامس كثيراً مما عشته أو عايشته في جدة وأسمرا"، وتابع "بطل الرواية يشبهني لكنه شخص آخر، استفدت في تشكيله من حيوات كثيرة شاهدتها أو سمعت عنها".
وفيما يتعلق بمدى اعتبار الرواية نوعاً من الأدب الإفريقي قال حجي "يسعدني تصنيف الرواية ضمن الأدب الإفريقي المكتوب بالعربية، وهذا أمر لا يحمل تناقضاً، فالعربية لغة رسمية في إريتريا، والوجود العربي قديم في اريتريا قدم الإسلام، فمصوع مدينتي الساحلية كانت بوابة هذا الدين الذي حُمل على أشرعة المراكب التي أقلّت الصحابة الهاربين بدينهم إلى الملك العادل، وأن تصدر "سمراويت" بالعربية، فيه تأكيد على الجانب العربي الأصيل من إريتريا".
 سمراويت عمل أول، كتبته بروحي لكن بأيد مرتجفة بعض الشيء. أحبه كثيرون، لكني في المقابل جنيت من ورائه دروساً هائلة في الكتابة، استثمرتها في مرسى فاطمة.
•ما الذي يدفعك للكتابة؟
أنا كاتب مغرض، وغرضي هو إرتريا. أعرف أني هنا أصطدم بالذين يفضلون الأدب خاليا من شوائب السياسة. لكني لا أستطيع أن أترك هذا الكم الهائل من الآلام خلفي. كل ما أستطيع فعله هو أن أكون أكثر حرصا على ألا يطغى غرضي على جماليات الكتابة، على ألا أحوّل أعمالي لمناشير سياسية. غير ذلك ستظل إرتريا أمامي وخلفي كلما اقترفت فعل الكتابة. يلي ذلك حالة المتعة التي اكتشفتها وأنا أؤدي غرضي. الكتابة تصنع عالما موازيا نكون نحن أصحابه. أولسنا نتمنى دائما أن تطاوعنا الأشياء؟ أن تسير على هوانا؟ أن ترسو الأمنيات في شواطئنا؟ في الكتابة يحدث كل ذلك لنصبح نحن أسياد اللعبة.
 


•ما الفرق بين أن يكتب الكاتب من خلال هويته و ظروفه الخاصة و بين الكتابة من هوية مختلفة تماما؟
برأيي أن الجميع ينطلق من هوية ما في الكتابة، أيا كانت تلك الهوية. قد تكون الوطن في حالتي، وقد تكون أمراً آخر في حالات الآخرين. نحن نكتب لنعالج عطبا أصاب أرواحنا بشكل أو بآخر. روحي معطوبة من جهة إرتريا، وحتى تبرأ تماما سأظل ألتفت لوجعي. أما إذا كنت تقصدين الفرق بين الكتابة عن مكاني وأمكنة الآخرين، فأنا لا أجيد الكتابة عن بعد، وأنا هنا أقصد بالبعد مدى إحساسي بالمكان. هناك من يتساوى لديه الاحساس بمكانه وأمكنة الآخرين، لذا يتقن الكتابة عنهما بذات المستوى، وأنا أغبطه على ذلك بالطبع.

 

•تبرز جدة في عملك بشكل كبير. إلى أي مدى حضرت حياتك الحقيقية في «سمراويت» وأنت أحد سكان هذه المدينة بالفعل؟
ساعدني هذا كثيراً، ولولا هذه الرابطة الوجدانية بجدة لما استطعت الكتابة عنها بشع وحب وكراهية حتى. أعشق جدة ولا أتصور نفسي بعيداً عنها لوقت طويل. هنا مقابرعائلتي، وهنا الصحب والرفاق والحكايات التي لا تنتهي. لكن هذا كله لا يعني أن العمل هو سيرة ذاتية محضة. هو خليط من كل شيء رأيته، أو عشته، أو سمعت عنه، إضافة لما تخيلته بالطبع.
 
عن أريتريا:
دولة أفريقية عاصمتها أسمرة. يتحدث الكثير من سكانها العربية، يحدها البحر الأحمر والمحيط الهندي شرقا والسودان من الغرب، إثيوبيا من الجنوب، وجيبوتي من الجنوب الشرقي. يمتد الجزء الشمالي الشرقي من البلاد على ساحل البحر الأحمر، مباشرة في مواجهة سواحل السعودية واليمن .
اسم إرتريا مشتق من التسمية اليونانية للبحر الأحمر سينوس إرِتريوم وتعني البحر الأحمر،
في شهر رجب من العام الثامن قبل الهجرة سنة 614 م كانت الهجرة إلى الحبشة البعثة الإسلامية الأولى وهناك على أرض مصوع أو (باضع) كما كان يطلق عليها العرب قديما، هناك قام الصحابة ببناء أول مسجد في الإسلام المسمى بمسجد رأس مدر. ومصوع هي بوابة دخول الإسلام في أفريقيا.
ينتشر الدين الإسلامي والمسيحية بين سكان اريتريا كما أن اللغتين الأكثر انتشاراً هما التيغرينية والعربية وتتشابه التيغرية إلى حد بعيد في جذورها مع العربية.
تساءلنا هل طُبعت الرواية في أرتيريا أيضاً؟ هل بيعت هناك بالعربية؟ هل تُرجمت؟ هل يهم الناس هناك أن يقرأوا عن شاب أريتري سعودي؟
هل كان لها أي حضور في المشهد الأدبي الأرتيري؟
 
عن أسلوب الرواية:

آراء بعض النقاد في الرواية:
 
•أشرف فقيه
سمراويت رواية عن إريتريا كتبها إريتري مغترب.. وهي مع ذلك يجب أن تُقرأ في السعودية. لأنها تستمد من جدة نصف روحها ونصف قصتها. وحجي جابر، مثلما كتب قبله معتز قطينة ومثلما سيكتب آخرون، يستحضر ملامح حياة موازية هي جزء من التركيبة التي تشكل السعودية اليوم وشكّلت جدة منذ الأزل.
 
محمد ديريه
تخليد للقصيدة على ضفتي البحر الأحمر .. كل فصل من سمراويت يبدأ بمقطع موسيقي باذخ للمرحوم محمد الثبيتي رحمه الله، والفصل الذي يليه يستهل بموسيقى باذخ للعذب الزلال محمد مدني الشاعر الإريتري ذي الجرس اللغوي الخاص به..
 هنا عمل سيتذكره الإريتريون الناطقون بالعربية لأجيال عديدة.. منها أنه الوحيد الذي تكلم باسمهم جميعا ولملم خيوط الحكاية باقتدار.. هذا عمل يصبو لجمع شتات الكثيرين.
يؤخذ على العمل أنه كتب بلغة تقريرية صحفية أفقدته جزءا من الشاعرية التي كان يجب أن يتكئ عليها الكاتب حنينا وصوت ناي.
ووجود بعض الحشو الزائد -المبرر- في ظروف كثيرة, وأتفهم شخصيا هذا الشيء ما دام العمل بمجمله رسائل من تحت الماء لشعب في كل بقاع
ا الدنيا.
أما عن رأي التواقات في الرواية:
قالت البعض أن المراوحة في البيئة المكانية في الكتابة بين أرتيريا وجدة كفصول متعاقبة لم يكن مريحاً في القراءة وإن كان هذا الأسلوب متبع في كثير من الروايات التي قرأناها، لكن الفرق أن الفصول هنا قصيرة وتنتهي قبل أن تأخذ البيئة المكانية أجواؤها وتأثيرها .
لغة لكاتب جميلة وبسيطة وقضيته كانت واضحة وإنسانية، انبثق سؤال هنا: لماذا أغلب الروايات العربية لابد أن تحتوي على قصة حب ؟ أهي طبيعة القلم العربي الذي يحفل بالعاطفة؟ أم أنها طريقة للحديث عن قضية لا يتحدث عنها المجتمع علانية؟ لماذا هناك كثير من الروايات الأجنبية تدور حول قضايا معينة وعلاقات إنسانية دون الزج بعلاقة حب إن كان السياق لا يحتاج إليها؟  
 
 
محاور للمناقشة:
هل ممارسة الدين في مكان ما يجعلنا نشعر به بإحساس آخر؟
"تذكرت جدتي وهي تصر أن إسلام أريتريا أجمل،كنا نناكفها فتعجز عن مجاراتنا دون أن تغير رأيها"
تحدثت التواقات عن اختلاط ممارسة كثير من الطقوس بالعادات والتقاليد مما يجعل لهذه الطقوس نكهة مختلفة مثل العيد ورمضان مثلاً، على الصعيد الآخر فإن البعض قلن أن ممارسة الدين بعيد عن أي عادات وتقاليد له خصوصية واقتراب أكثر من جوهر الطقس ذاته ، كصلاة العيد خارج المملكة والصلاة أو الصوم بعيداً عن العائلة والمجتمع.
تحدثنا عن العمارة في بناء الكنائس والمساجد والفرق بين الاحساس بالروحانية والقداسة ،  هل الأبنية الدينية المعتنى بها نتيجة أغراض هندسية فقط؟ أم أنها بهذه الطريقة تعطي إحساساً روحانياً أقوى ؟ لماذا إذن يحرص الصوفيين مثلاً على الأماكن البسيطة الغير متكلفة لاستحضار الشعور الروحاني والتخفف من الدنيا؟
 
هل حقاً ينبع الإبداع من رحم الألم؟
"أعتقد أن مجموع المعاناة وحب المعرفة واتخاذ قدوة جعل مني الرجل الذي يجلس معكم اليوم"
ظروف أخرى مصاحبة تُطوّر الإنسان وتصقل إبداعه أو مواهبه ، وإلا ماهو عدد اللذين يعانون في العالم ولماذا ليسوا كلهم عظماء ومبدعين وبالمقابل هناك الكثير من المبدعين اللذين لم يعانوا على المستوى الشخصي بل كانوا يحملون هماً فكرياً واجتماعياً.
تساءلنا أيضاً هل الوعي الأدبي يرتبط بالسياسة؟ بالثورات؟ بالحروب؟ لعل ذلك ملاحظ بشدة في الأدب العربي لما تمر به الأمة دوماً من صراعات مختلفة تولد هماً يعبّر عنه بالأدب ويكون لا محالة جزءاً منه.

 
للوصول الى التوازن الفكري هل لابد من المرورعلى النقيضين؟؟ و ما الذي يدفعنا الى الانتقال من نقيض الى آخر؟؟
"ثلاثة أعوام فقط قضيتها في كنف الطواعة، احتجت بعدها إلى أعوام طويلة كي أتعافى من كل ما لحق بي"
كيف نعرف ماهو الوسط والتوازن؟ ماهو المعيار؟
ليس الأمر بالمرور على النقيض قبل الوصول للمنتصف ولكنه توجه صحوي بدأ في المجتمع السعودي بعد حادثة جهيمان عام 1980 وكان هذا التيار الصحوي على أشده بين 1407-1417 هـ ،  هذا ما جعل إحدى الحاضرات تتسائل: أهي نوع من "الموضة" الفكرية أن يتحدث الشخص عن تجربته في التيار الصحوي كما هو حاصل الآن ،وفي الواقع هي ليست موضة بقدر ماهي تجربة تكاد تكون مشتركة لدى الجيل الذي عاصر هذه الفترة بكل تداعياتها وتأثيراتها.
أما كيف يتغير الإنسان، أو بعبارة أخرى لماذا تغير المجتمع بشكل جماعي فلأن سياسة الدولة وأيدولوجياتها تغيرت.
 


هل علاقتنا بالمدن تحددها التوقعات أم العمر، ام الاستعداد النفسي أم روح المدينة ذاتها أم هل هي تجاربنا السابقة؟؟ ما هي المدينة التي زرتها ووقعت في غرامها و الشيء الذي قالته لك أنت شخصيا؟؟ "المدن كالأحلام، وما يبهرك في مدينة ما ليس روائعها السبع، أو السبع سبعين بل الجواب الذي تعطيه على أحد أسئلتك"
إن كنت تريد أن تسمع صوت المدينة وتكتشف جوهرها اكتشف ما يميزها، خصوصيتها ، شوارعها، أرصفتها، قهوتها، وتلك الأسرار الصغيرة الي لا تمنحها للسياح عادة.. من أقول التواقات:
رولا بادكوك:
أحببت نيوبورت بيتش في كاليفورنيا، مدينة تحتضن كثير من المتقاعدين، صوتها فيه سلام وهدوء وأتمنى أن أعيش فيها مع أحفادي حين أكبر
داليا تونسي: لم أكتشف سنغفورة والتي هي مدينة كبيرة ومتمدنة جداً إلا حين ركبت التُكتُك ..ورأيت التنوع والتعايش بين الثقافات والأديان المختلفة بين البسطاء من الشعب، سمعت وقتها صوت سنغفورة.
هناء حسنين: وجدت روحي في لندن بعد أن زرتها بعد غياب طويل، ثمة صوت أسمعه واكتشفت أنه صوت ذكريات مراهقتي حين كنا نزور لندن كثيراً.
أمل حميد الدين: عشت في لبنان فترة طفولتي وجزء من مراهقتي، تركناها للحرب وذهبنا للأردن ثم للرياض ثم لجدة..لكل مدينة صوتها ، لكن صوت بيروت مختلف..


 
ما الذي يجعل الجداوي جداوي؟ و هل اختلف معنى الجداوي قديما عن ماهو الان؟ و ماذا تكسب جدة سكانها بحيث يحبونها هذا الحب الجم؟؟"شكلك جداوي..كثيراً ما سمعت هذه الملاحظة بمجرد أن أنطق، لم تكن جدة تحتاج أكثر كي تتبدى في لغتي وفي نبرة صوتي بل وفي ابتسامتي"
جدة من أكثر المناطق احتضاناً لكل الاختلافات والثقافات في المملكة إلا أن ذلك جعل لها أيضاً بعض المواصفات: فالجداوي بغض النظر عن أصوله يشعر أنه جداوي أكثر من كونه سعودي، برغم أن جدة متقبلة للاختلافات إلا أن فئة كبيرة من سكانها يشعروا أنهم من منطقة حضرية وهذا يخلق نوعاً من العنصرية الخفية أو الظاهرة أحياناً مع المجتمعات القبلية السعودية.
ولأنها تحتضن كل الاختلافات فلم يكن هناك نظرة مختلفة إلى أي عربي من أي منطقة كالفلسطيني واليمني خاصة إذا كان لفترة طويلة يعيش في جدة، ظهرت هذه الاختلافات بشكل واضح أيام حرب الخليج وذلك بسبب مواقف سياسية ولازالت تداعيات تلك الفترة حتى الآن..
 
كتاب الشهر القادم:
عدنا ثانية للأدب السعودي ورواية للدكتور غازي القصيبي رحمه الله:
 " حكاية حب"..
 
قراءة ممتعة حتى نلتقي