الجمعة، 9 نوفمبر 2012

اللقاء الثاني (6)- مذكرات موظفة سعودية

مذكرات موظفة سعودية

فاطمة الفقيه



تاريخ اللقاء: 5-نوفمبر-2012
مديرة الحوار: د.سعاد الصبيحي
ضيفة الحوار: الكاتبة فاطمة الفقيه

افتتاحية:


بدأت مديرة الحوار اللقاء بذكر السبب الذي جعلها توافق على إدارة الحوار رغم أنه اللقاء الأول من أول موسم لها في تواقة، كانت -كما تقول- جملة في الصفحة الأولى من الكتاب: "من خلال عملي لاحظت الكثير،فكنت أناقش،وأعترض على طريقة الأداء،وعلى الأخطاء وكل مظاهر الفساد البادية للعيان،لكن كلما أعيتني الحيلة، التزمت الصمت ، واكتفيت بمحاولة فهم سر غياب الإنسان عن الوعي، سر قبول الناس بمثل هذه الحال"
رغم أن الكاتبة كتبت عن الفساد الإداري في القطاع الصحي الحكومي إلا أن هذه الجملة تبين سبب كتابة الكاتبة لهذا الكتاب، وسبب قراءتنا له،والسبب الذي جعل الدكتورة سعاد تدير الحوار ،علنا نستطيع مجتمعين فهم الأخطاء ومظاهر الفساد في قطاعاتنا الحكومية المختلفة.
انتقلت مديرة الحوار إلى طرح الأسئلة التالية :


- هل تعرية الفساد ونقد المنظومات وجه من شجاعة أم ضرب من تهور؟ 
-أيهما أكثر سلبية ، أو فلنقل أكثر إيجابية: 
الصامت الهارب الذي يمشي بجانب الحيط؟
أم الشاكي الباكي الذي لا يجيد غير التذمر لغة والشكوى ديدناً؟
- هل تعرية الفساد ونقد المنظومات خيانة أم ولاء؟
- هل هو ثقافة فضائح أم فضيحة ثقافات رثة متهالكة؟
- هل يسهم تعرية الفساد ونقده في تفعيل الوعي أم في وعي كم الإنفعال والغضب المتأجج؟
- هل يعاون على رفع الحمل أم على اغتيال الحلم؟
- الناقد..هل يرى نفسه ضحية أم مسئولاً؟
وأخيراً: كتاب مذكرات موظفة سعودية: هل هو جزء من المشكلة؟ أم جزء من الحل؟

السؤال الأخير كان موجهاً للكاتبة، منه بدأنا بالترحيب بها وشكرها على تشريفنا الليلة:
كانت الأستاذة فاطمة الفقيه موظفة في وزارة الصحة وبعد ٥ سنوات من العمل شعرت بالحاجة لتدوين تجربتها لمحاولة فهم ما يدور حولها وسببه،هي في النهاية تجربة شخصية لكن كلنا نعرف كم يمكن إسقاطها على كثير من القطاعات والتجارب الأخرى..

تقول فاطمة مجيبة على السؤال الأخير: هي تعتقد وتتمنى أن يكون الكتاب جزءاً من الحل ، ومن المساهمة في وعي اللبنة الأولى في المجتمع والتي هي "أنا".


عن أسلوب الكتاب:
  • اتفق الأغلبية أن الكتاب كان من النوع" اللي ما تسيبه إلا لما يخلص" وذلك لأسلوب الكاتبة الروائي القصصي الذي يهتم بالتفاصيل ويصور الشخصيات بدقة لدرجة أن أغلبنا صادق الدكتور" عطية" - وهو أحد شخصيات الكتاب- وتمنى لو يقابله.
  • أسلوب الكتاب ساخر مرح، رغم أنه يتحدث عن قضية مؤلمة لكن لعله نوع من الكوميديا السوداء. كما أن العناوين التي وضعت لكل فصل كانت رسائل مبطنة من الكاتبة.
  • قالت الكاتبة أن كثيراً مما ورد في الكتاب كُتب في العمل تحت تأثير عدد من المواقف الحقيقية، وأن أكثر سؤال تواجهه : هل هذه الشخصيات حقيقية؟ وهي بالفعل حقيقية لدرجة لا يمكن تسميتها لتكرارها في أكثر من قطاع ومكان.
تبادل الأدوار وستيفن كوفي:
  • اقترحت الكاتبة أن نبدأ نقاشنا من بعد تجاوز مرحلة الحكايات وسرد مواقف وتجارب تتشابه مع ما ورد في الكتاب، اقترحت تطبيق نظرية ستيفن كوفي ٩٠/١٠ والتي تنص على أن ١٠٪ مما يحدث لنا خارج عن نطاق إرادتنا ، بينما ٩٠٪ من أحداث حياتنا يعتمد على ردود أفعالنا.
  • من هذا المنطلق في أي موقف نحن إما مسئولين أو موظفين أو مواطنين، ونحن نريد أن نختبر ردود أفعالنا بناء على تلك النظرية في كل موقف، كمحاولة للخروج من ثوب الضحية والإحساس أن الحل هو دائماً في يد "الآخر".
  • تقسمنا إلى ٣ مجموعات:

  1. مسئولين
  2. موظفين
  3. مواطنين

  • وتم عرض ٣ محاور مختلفة مقتبسة جميعها من الكتاب مع البحث عن الأسباب ثم اقتراح حلول وتوصيات تنبع من كل جهة، قمنا كذلك بتبادل الأدوار في كل مرة لأن المسئول في موقف آخر سيكون مواطناً والعكس..

المحاور الثلاث والمجموعات الثلاث:
لم تكن هذه المحاور هي الوحيدة التي تحدث عنها الكتاب ولكنها من المشاكل المحورية التي تتكرر في كثير من القطاعات الحكومية:

المحور الأول: تدني الإنتاجية:
بحسب دراسات المكتب الإنمائي للأمم المتحدة : إنتاجية الموظف الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي لا تتعدى ٢٨ دقيقة في اليوم الواحد..طبعاً هذا الرقم مرعب وفيه هدر للطاقات والوقت والإمكانيات مع علمنا بإمكانيات شبابنا والتي تظهر واضحة في القطاع الخاص أو عند السفر .

المحور الثاني: قولبة الدين وهلامية القوانين:
ويقصد بذلك استخدام الأدلة الشرعية والشعارات الدينية لخدمة المصالح الشخصية وتبرير مخالفة الأنظمة والتستر على المقصرين، ولعل جرائدنا وسيول جدة وقصص القضاة وقطار المشاعر وغيرها تحفل بالعديد من النماذج والقصص التي تدعم هذا المحور.

المحور الثالث:ازدواجية المعايير:
لماذا لا يكون دوماً الإنسان الجيد موظفاً جيداً؟ أين هي منظومة القيم وكيف تترتب وما مدى تأثيرها على كل جوانب الحياة وأدوارها؟ هل ما يعلمه الموظف لأولاده في المنزل من قيم يمارسها في العمل أم أنه يجد دوماً تبريراً لكل موقف؟ أم أن الرأي الجمعي في مكان العمل يؤثر على القيم؟

 عرضت هذه المحاور على طاولة المجموعات الثلاثة ،نوقشت الكثير من الأسباب التي كانت خلفها من وجهات نظر مختلفة، وبناء على الأسباب اقترحت الحلول من قبل كل مجموعة لكل محور، ونظراً للتشابه الكبير فقد قمنا بتلخيصها فيما يلي:

حلول وتوصيات:

 من موقع المسئولين:
١- كتابة المهام الوظيفية بالتفصيل لكل موظف مهما كان موقعه الوظيفي.
٢-إلغاء المركزية في العمل خاصة بالنسبة للمسؤلين واستخدام مبدأ التفويض.
٣-أن يكون المقابل المادي كافي مع وجود الحوافز المادية المشجعة لمزيد من العمل وتحقق الإشباع لدى الموظف.
٤-أن تكون بيئة العمل ملائمة ومناسبة ومحفزة للعمل.
٥-تدريب المسئولين على المهارات الإدارية(التخطيط والتنظيم والرقابة)
٦- أن تخضع الترقيات والتعيينات لمبدأ الكفاءة وليس الواسطة.
٧- رفع التوعية بثقافة الحقوق والواجبات لكل فئة في المجتمع والعمل من موقع المسئول على دعم هذا التوجه ومحاسبة المقصر.
٨- سن قوانين تستند إلى أخلاقيات العمل القرآنية والأنظمة الدولية العامة تطبق على الجميع دون محاباة مع توضيح لوائح الخطأ والعقوبات للكل. 

من موقع الموظفين:
١-  كتابة المهام الوظيفية بالتفصيل لكل موظف مهما كان موقعه الوظيفي.
٢- رفع الكفاءة وتطوير الذات والتدريب المستمر.
٣- إعطاء الأولوية للمواطن أو العميل ونشر ثقافة "الزبون أولاً".
٤- توضيح الاحتياجات المادية الأساسية للموظفين والمطالبة بها.
٥- بيان خطي مكتوب يوضح حقوق الموظف وواجباته.
٦-أن يختار الموظف التخصص في العمل الذي يبدع فيه ويحبه.
٧- التخلص من إحتكار المعرفة بين عدد من الموظفين أصحاب الخبرة وتوفير المعلومات لكل الإدارات مع نظام يسهل التواصل بينها.
٨- المطالبة بالإهتمام بالموظف الموهوب والاستفادة منه مع توفير نظام الحوافز والمكافئات، وبالمقابل وضع نظام عقوبات ينظم أداء الموظف الحكومي ويخرجه من دائرة الأمن الوظيفي التي يتخذها درعاً له.
٩- تكوين نقابات للقطاعات والتخصصات المختلفة لمشاركة الاهتمامات وتطويرها ومعالجة المشاكل.

من موقع المواطنين:
١- معرفة حقوق المواطن كاملة مما يسهل المطالبة بها وعدم السكوت عن أي تقصير في الخدمة المقدمة.
٢-تأسيس مؤسسات للمجمتع المدني تسعى إلى سد الفراغات.
٣- المطالبة بمحاسبة المسئول وكسر الهالة المحيطة به وعدم التستر على الخطأ أو التعاطف مع التقصير تحت مسمى الدين.
٤-التربية في البيت والمدرسة لتدعيم الناحية الحقوقية والأخلاقية.
٥- التوقف عن إطلاق التهم على المسئولين دون التوثق منها.
٦- التواصل المستمر مع المسئولين والموظفين لإشعارهم أن المواطن جزء مهم ومؤثر من دائرة الوطن وليس مجرد متلق صامت للخدمة.

النقاش المفتوح:
بعد أن انتهت المحاورات والنقاشات المغلقة في المجموعات الثلاث حول المحاور المعروضة والتي اشتركت معنا فيها الكاتبة ، تم عرض الحلول والتوصيات بشكل مفتوح مع ملاحظة أن كثير من التوصيات مكررة ولعل قضية الحقوق والواجبات لكل فئة والتوصيف الوظيفي الواضح ولوائح القوانين والعقوبات كانت من أكثر النقاط شمولية وتكراراً. 

ختاماً: لم تنته أسئلتنا ،لم نخرج بيقين كامل أن ما قمنا به كاف، أو أنه سيغير شيئاً ما بسرعة، وبالرغم من أننا كلنا كان لدينا شعور طاغ بالرفض لكثير من الممارسات في الدوائر الحكومية، وبالرغم من نقاشنا حول مفهوم الوطنية والإنتماء والهجرة، إلا أن لدينا يقيناً بأننا أبناء هذا الوطن وأن المسئول أو الموظف أو المواطن الذي ننقم عليه في كثير من الأحيان هو نتاج ثقافة مشتركة..
نحن نحتاج إلى تغيير ثقافة شعب كامل- كما كتبت الكاتبة -  والتغيير يحتاج إلى شجاعة نفسية، التغيير إما أن يكون من آخر الهرم (الشعب) أو رأسه (المسئول) أو كلاهما، ولعل تشخيص المشكلة هي الخطوة الأولى للتغيير ومحاولة الفهم هو السلاح القوي..

من أقوال التواقات: 
  • كلمة "توصيات وحلول" تسبب لي حساسية، كم من التوصيات اقترحت وهي فقط كلام على ورق ولم يتغير شيء؟ - أروى جليدان
  • وجودنا هنا اليوم، نقاشنا لهذا الكتاب، أخذنا للموضوع بجدية، محاولتنا أن نحلل ونفهم ويكون لنا دور هو الخطوة الأولى لمستقبل وطن أكثر إشراقاً- عائشة المدودي
  • هل تربية الأبناء في بيئة صحية وحقوقية خارج البلد يعرضهم لنماذج إيجابية ويحميهم من الفساد ويمكنهم من التغيير بقوة حين يعودون للوطن ؟ أم أنه سيزيد من انفصالهم عن واقع مجتمعهم ويصعّب اندماجهم؟ - نهلة حكيم
  • سؤالي للكاتبة: أجدك في الكتاب متحاملة على الدين وكأنه سبب مشاكلنا، وأن أعتقد أن التطبيق الغير صحيح للمفاهيم الدينية هو ما أدى لهذا الخلط مع أن الدين هو الحل لكل مشاكلنا- عفت طرابزوني
  • في مجتمع شمولي كيف يمكن أن لا تبهت القصص والتجارب الشخصية وأن يكون لها أثر واضح؟ داليا تونسي
  • علينا أن لا نهرب من استخدام المرافق العامة كالمدارس والمستشفيات إلى الخاص ونتركها فقط للطبقة الغير مقتدرة من الشعب بل يجب أن نطالب بإصالحها وأن نضع معايير تتناسب وتطلعاتنا- أماني الرشيدي.
  • نحتاج أن نقرأ عن التغيير بشكل مفصل حسب الاهتمامات الفردية: في السيسيولوجيا وكيف تغيرت المجتمعات-في الطفولة والبناء القيمي-في التغيير الثقافي وعلاقته بالدين-في المجتمعات المدنية وحقوقها- وعن تجارب دول ناجحة- أروى خميّس
  • نحن بحاجة إلى إصلاح النفوس(عبر تغيير الفكر) وإصلاح النصوص (إعادة النظر إليها بفكر جديد)- أمل حميد الدين
  • في التجربة النرويجية قامت الدولة بعمل مراصد للفكر لتعرف ما يفكر به الشعب طوال الوقت ومن خلال تغييره استطاعت أن تكون الدولة الأولى في التنمية البشرية- سعاد الصبيحي 

تشويقة:
كتابنا الجديد "في إشراقة آية" للدكتور عبدالكريم بكار المؤلف في التربية والفكر وقضايا الحضارة الإسلامية والنهضة، الكتاب ليس تفسيراً بقدر ماهو وقفات فكرية مع الكاتب عند بعض الآيات، سنفكر مع الكاتب ونقرأ من مصادر أخرى لو أردنا أن نجيب على تساؤلاتنا.. ثم نتقابل في أمسية أخرى محلقة..

كل المتعة في قراءة الكتاب الجديد