السبت، 1 فبراير 2014

اللقاء الرابع-اللاهوت العربي

  اللاهوت العربي وأصول العنف الديني
يوسف زيدان
دار الشروق-الطبعة التاسعة 2013




 تاريخ اللقاء:٢٧-جانوري-٢٠١٤
مديرة الحوار:د.ريم مغربي

اعتمد لقاؤنا هذه المرة على تلخيص أهم الفصول في الكتاب ومن ثم إثارة بعض الأسئلة وفتح باب النقاش المفتوح حولها.

محاور اللقاء:
  • عن يوسف زيدان۔ 
  • مقدمة. 
  • جذور الإشكال۔۔الله والأنبياء في التوراة. 
  • الحل المسيحي-من الثيولوجيا إلى الكريستولوجيا. 
  • النبوة والبنوة- فهم الديانة شرقاً وغرباً. 
  • الحل القرآني- إعادة بناء التصورات. 
  • اللاهوت والملكوت- أطر التدين ودوائره. 
  • نقاش مفتوح وأسئلة. 
  • عرض الكتاب الجديد.




عن يوسف زيدان:-

مفكر مصري متخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه. له عديد من المؤلفات والأبحاث العلمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي. وله إسهام أدبي يتمثل في أعمال روائية منشورة، كما أن له مقالات دورية وغير دورية في عدد من الصحف المصرية والعربية. عمل مستشاراً لعدد من المنظمات مثل مكتبة الإسكندرية۔
حصل على بكالوريوس الفلسفة من جامعة القاهرة 1980۔ والماجستير والدكتوراة في الفلسفة الإسلامية 1989 والأستاذية في الفلسفة وتاريخ العلوم 1999، عمل في جامعة الإسكندرية كما عمل رئيساً لقسم المخطوطات في مكتبة الاسكندرية، له موقع باسم: موقع الدكتور يوسف زيدان للتراث والمخطوطات۔

أولاً: من المقدمة

كل دين هو سماوي في نظر معتنقيه لكن يمكن أن نميز الأديان الثلاثة بأنها رسالية ۔
الوثن ما كان على صورة وهيئة محددة، الصنم هو المعبود الذي لا يتخذ هيئة محدودة۔
الجامع بين الديانات الثلاثة تأسيس اللاحق منهم لذاته على السابق، التأكيد على جوهر النبوة۔
ليس من السهل على صاحب المذهب والدين أن ينصف أديانا ومذاهب مختلفة عما هو عليه وأن يتجرد تماما۔
نحن نفكر عبر اللغة واللغة مشبعة بالدلالات الدينية۔
التفاعل بين الديانات الثلاث لم يقتصر على التعاقب الزمني، إنما تعدى ذلك إلى تفاعلات عميقة في الأصل العميق لكل منهم۔
اللاهوت: يقصد بها الإلهيات أو العلم الإلهي أو ذات الله وصفاته أو الثيولوجيا۔
الهرطقة:بدعة، إلحاد، كفر،زندقة-المهرطق هو الذي ينكر أصلا من الأصول الدينية أو يؤمن إيمانا مشوبا ببعض الاعتقادات الباطلة
أرثوذكسية اللفظ المضاد للهرطقة (المحافظين-السلفية-أهل السنة)



غاية الكتاب: فهم ارتباط الدين بالسياسة وبالعنف، إدراك الراوبط الخفية بين المراحل التاريخية للأديان الثلاثة والنظر إليها كتاريخ واحد ارتبط بالجغرافيا وتحكمت فيه آلية واحدة.



لماذا افتخر الرسول صلى الله عليه وسلم بأصوله العربية؟ ألا يؤسس ذلك لمبدأ الأفضلية بين الأقوام؟

لعل هذه كانت هي القيمة المتبعة للتفضيل في العصور القديمة، ليس من حقنا أن نحكم على قيم تاريخ آخر بالمنهج المتبع حالياً: العولمة مثلاً..علينا أن نسأل أنفسنا قبل أن نحاكم أي قيمة في أي فترة تاريخية، ماهي النظرية التي نتبعها لتفسير التاريخ؟
هل تؤثر الجغرافيا لهذه الدرجة في عقليات الشعوب واستجاباتهم؟ ماذا عن باقي الشعوب في باقي الأرض؟
كان السؤال يدور حول باقي الشعوب، ماذا عن الصين وغيرها من الأمم القديمة، هل كان لديهم رسل وأديان؟ ذكر القرآن أن كل الأمم كان فيها رسل، لماذا لم يُذكروا إذن؟ وذكرت فقط قصص الأمم التي تعيش في حوض البحر الأبيض المتوسط؟

ثانياً: جذور الإشكال
الله والأنبياء في التوراة

أتت اليهودية بصورة إشكالية للإله۔
الله التوراتي يظهر في سفر التكوين حائراً وثائراً على البشر جميعاً، غيور، غضوب، جبار، ثائر، منتقم،
االله التوراتي مخصوص ببني إسرائيل ، مشغول بهم وحدهم، لذلك ينظر اليهودي إلى غير اليهودي أنه «أممي».
الحقت التوراة صفات إنسانية رديئة  بالإله بكل وضوح ومن دون أي مواربة فنشأت مشكلة كبرى وهي ارتباط «الصفات» بالذات الإلهية.
اجتهد علماء اليهود وعلماء التفسير التأويلي المسيحي في حل هذه المشاكل عن طريق «الهيرمونيطيقيا» وتنوعت تلك الحلول بين النظر إلى تلك الحكايات والقصص التوراتية باعتبارها رموزاً لا تاريخاً فعلياً أو النظر إليها باعتبارها حالات للذات الإنسانية في تطورها الزمني على الأرض.
قدمت الديانة المسيحية حل لمشكلة الله التوراتي، بأن أكدت وجود الله مع الإنسان في الأرض لتتوافق مع اليهودية ثم رفعته للسماء حيث الموضع الذي يليق به.

كان هذا الفصل من الكتاب من أكثر الفصول إثارة للتساؤلات والجدل، طبيعة اليهود وذكرهم الكثيف في القرآن رغم قصصهم مع الأنبياء، وجود اليهود الآن واكتسابهم لطبائع مختلفة حسب الأماكن التي عاشوا فيها مما يؤكد مرة أخرى لفكرة تأثير البيئة على المعتنق والدين، لكن لا يمكننا أن ننسى العرق اليهودي والذي لا يزال ينحدر من أم يهودية مما يساعد على الإحتفاظ بالجينات ويؤكد على فكرة الوراثة العشائرية.من الأسئلة التي أثيرت:


•هل لأن الله قال (وأني فضلتكم على العالمين) أعطى الحق لليهود أن يظنوا أنفسهم أبناء الله وأحباؤه؟ 
•لم أصلاً أعطى الله لليهود هذه الأفضلية وهم بقول القرآن أكثر من قتلوا من الأنبياء؟ 
•لماذا اليهود عنيفون لهذه الدرجة كأمة كاملة؟ هل تورث هذه الجينات؟ 
•كيف يتعايش اليهود مع إلههم التوراتي وهم قد صوروه بهذه الصورة؟ 
•هل ماعانوه اليهود في تاريخهم من إذلال كان نتيجة لخلقهم المنحرف أم أن خلقهم المنحرف كان نتيجة لما مروا بهم؟ 
•ماذا عن اليهود في أنحاء العالم الآن؟ هل تأثروا بقيم مختلفة مثل المساواة والحرية والتعايش والعولمة؟ ما موقفنا تجاههم؟ 
•هل نحكم على إنسان ونلبسه صفاتاً لأنه يهودي؟ أين هنا الحد الفاصل بين الفردانية والجماعة؟


ثالثاً :الحل المسيحي
من الثيولوجيا إلى الكريستولوجيا:
طرحت الديانة المسيحية على أنها حركة إصلاح وتصحيح عام لليهودية وبشارة لجميع الأمم.

•كانت الدعوة المسيحية في البداية لليهود فقط ، لما يأس المسيح منهم ومن تكذيبهم سمح للأمم الأخرى أن تنضم لدعوته.
•كان من الطبيعي أن يتشوش الإيمان القويم (الأرذوكسية) وذلك بسبب 
تعدد صورة المسيح في الأذهان بين كونه ابن الله أو ما سوف يسمى صورة الله أو الله بذاته من ناحية، ومن الناحية المقابلة كونه رسول الله أو نبي الله أو الانسان المتأله۔ من هنا نشأت الكريستولوجيا : وهي علم دراسة طبيعة يسوع وارتباط الألوهية والإنسانية في شخصيته۔
•لأن كل ماهو إلهي قد أمسى متعلقاً بالمسيح فإن المشكلة الكبرى (صفات الله) لم تعد مطروحة للنظر،وإنما صار الإيمان القويم (الأرثوذكسي) إيماناً بالمسيح الذي هو الله، وصار التشكيك في ألوهيته التامة يعني الكفر بعينه، أو هو بسبب الإصطلاح المسيحي: هرطقة۔
أثير النقاش هنا حول معجزات سيدنا عيسى والتي أثّرت على 
فهم المسيحين لطبيعته، لم تكن الأقوام في ذلك الوقت قد تطورت بالشكل العلمي الذي يجعلها تضع تفسيرات علمية أو منطقية للأحداث، لأن عيسى عليه السلام جاء من أم بدون أب، لأنه تحدث في المهد، لأنه كان يشفي المرضى بإذن الله، ألم يسبب ذلك تشوشاً وتحدياً في الإيمان للأقوام في ذلك العصر؟ 
المسيحية كانت حركة تصحيحية لليهودية، أليس كل دين جديد حركة تصحيحية لما قبله؟ البهائية يظنون أن حركات الدين التصحيحة مستمرة لقيام الساعة، ولعل كل دين يظن أنه هو الخاتم وهو الأقوم، هذا جعلنا نتسائل عن مفهوم النضج البشري، هل كان عصر الإسلام هم العصر الذي وصلت فيه البشرية إلى قمة نضجها لذلك هي لا تحتاج إلى نبي آخر بعد نبي الإسلام؟ إذن ما شكل تطور البشرية الآن؟ هل ينحني المؤشر إلى الأسفل مرة أخرى بعد أن وصل للقمة سابقاً؟ إذن لا بد من نبي آخر، هل استقر هذا المؤشر وغدا يمشي في خط مستقيم؟ أم أنه لا يزال يرتفع؟ هل نضج الأمم البشرية يقاس بمدى تطور الفكر العلمي؟ أو بأساليب الحياة؟ ربما ليس هناك مؤشر أصلاً لقياس هذا التطور ، أسئلة أخرى أثيرت بعد هذا الفصل:
•هل أرسل عيسى علي السلام إلى «خراف بيت إسرائيل الضالة» فقط؟
•هل أدت المعجزات التي خص الله بها عيسى إلى أن الناس نسبت إليه الألوهية؟
•لماذا حمل البشر في التصور المسيحي خطيئة سيدنا آدم؟





رابعاً: النبوة والبنوة


فهم الديانة، شرقاً وغرباً
الديانات الغابرة الموسومة بالوثنية الذي عاشت آلاف السنين في مصر واليونان كانت تسمح بالتعددية،ولم تزعم ديانة واحدة أنها الديانة الحقة وكانت تجيز التمازج بين الربوبية والبشرية۔
•كانت الديانات السابقة في منطقة الجزيرة العربية تعلى من مرتبة الآلهة وتتصورهم مفارقين تماما لعلم البشر.
•كانت ثقافة المجتمعات في جزيرة العرب تحتفي بالحكماء من البشر،وبالكهنة الملهمين من الآلهة ، بالجن ، بالعرافين ، باللذين يستطيعون استطلاع أخبار السماء.
•العقلية الجمعية في الجزيرة العربية: لقوم طالما تحدوا عوامل الفناء كالصحراوات،الأسفار الطويلة،الحروب الداخلية ، الخوف من المجهول في الغيب الآتي، وكان ذلك نقيضاً لطبيعة العقلية الجمعية المصرية واليونان حيث الأرض والأنهار والشعور العام بأن الآلهة قريبة من البشر۔

كيف يمكن أن يؤله الإنسان إنساناً مثله ويعبده أو يقدسه؟ هل لذلك علاقة بنضج البشرية؟
هل أرسل الله أنبياء للرومان واليونان؟ لم ذكرت أخبار أنبياء بني إسرائيل فقط؟
هل أثرت الأديان على عقليات الشعوب في المناطق المختلفة أم أثرت عقلياتهم الجمعية على طريقة استقبالهم للدين؟
من النقاط السابقة أثير سؤال جوهري: كل إنسان يظن أن دينه هو الدين الحق، أليست هذه الفكرة بحد ذاتها تشكيكاً في كل دين؟ كيف يمكن إذن أن يتأكد الإنسان أن ما يتبعه هو الحقيقي و هو الصحيح؟ 


خامساً: الحل القرآني


إعادة بناء التصورات
•حين يصف القرآن ما يقدمه من سير للأنبياء بأنه أحسن القصص، فإنه يشير إلى قصص آخر أقل حسناً: الحكايات التوراتية عن الأنبياء-الروايات الإنجيلية عن المسيح.
•لا يقصد بالآية (النبي الأمي)أن الرسول أمي، إنما أممي بمفهوم اليهود، يعني من غير اليهود وأمه ليست يهودية>
•ليست هناك خطيئة أزلية ارتكبها آدم وورثها بنوه.
•أفاض القرآن في تأكيد علو الله عن العالمين عبر أسمائه وصفاته.
•لن نجد في آي القرآن أيا من السلوكيات الغريبة للأنبياء التي لا تليق بعموم البشر.
•عادت الأم العظيمة (السيدة مريم) إلى الصدارة في آي القرآن.

هل القرآن الكتاب الوحيد الذي نزل عن طريق الوحي؟ رغم أنه كتب فيما بعد؟ ماذا عن الإنجيل-التوراة-الزبور؟ لم يطلق عليها كتب إن لم تكن وحياً؟ كان هذا السؤال فاتحة لنقاش حول الكتب المحفوظة، لماذا لم يحفظ الله الكتب السابقة حتى لا تحرّف؟ أليس هذا التحريف كان سبب كل الجدل الذي حصل حول المسيحية واليهودية.

أثيرت نقاط أخرى في نهاية النقاش:
تحدثنا عن تحيز الكاتب، وهل كان متحيزاً فعلاً؟ رغم أنه أخرج نفسه في بداية
الكتاب حين قال لا يمكن لأحد أن يكتب عن هذا الموضوع دون أن يكون متحيزاً، أغلب التواقات قلن أنه كان متحيزاً للدين الإسلامي، يظهر ذلك في لغة خطابه حين تحدث عن الإسلام وحين تحدث عن الأديان الأخرى بشيء فيه بعض تهكم، كما أن المطلع على عناوين الفصول في الفهرس والطريقة التي كتبت بها آيات القرآن والنصوص الزخرى تؤكد هذه التفرقة، قالت التواقات أن هذا الكتاب إنما جاء كرد فعل للهجوم الذي أثير على يوسف زيدان من الكنيسة القبطية بعد رواية عزازيل. ومن الأسئلة:



هل عنوان الكتاب يتفق مع مضمونه ؟ لماذا اختار كلمة يونانية كعنوان لكتاب عربي؟ ألأن اللاهوت فكرة وعلم ارتبط بطبيعة المسيحية واليهودية؟ 
•هل اللاهوت هو ما يمكن أن نطلق عليه مجازاً "علم الدين" ... أى دين و ليس بالضرورة اليهودية و المسيحية اللتان إرتبطت هذة الكلمة أكثر بهما؟ 
•هل الديانات السماوية الثلاثة تجليات لفكرة واحدة وهي توحيد الله ؟ رغم كل الاختلافات؟
•كيف يعتبر الكاتب الديانات ابراهيمييه رغم أن القرآن نفى أن يكون ابراهيم يهوديا أو نصرانيا؟
•هل غطى الكاتب فكرة العنف الديني واضحة؟ تحدث الكاتب بإسهاب عن اللاهوت في الأديان الثلاثة ولكنه لم يربط ذلك بالعنف الديني بشكل قوي بل كان ما أورده من أفكار نظرية جداً وغير قابلة للتطبيق ولا تشكل أية حلول لهذه المعضلة.





خاتمة:

يقول الدكتور مصطفى محمود في كتابه (الله:84):“ رغم ما عرض من فلسفات و جدل و نظريات عن الله تظل قضية الدين قضية احساس بالدرجة الأولى.. قضية وعي كوني.. قضية رؤية شمولية تصدم العقل فيؤمن بالحقيقة المهيمنة حوله و فوقه ليرى الله في نظام الكون و جماله و الشعور الديني شعور وجداني قبل أن يكون عقليا.. و لأن الأنبياء هم أهل البصيرة و الفلاسفة هم أهل الفكر دور الفكر يأتي دائما في المحل الثاني في قضية الدين  والتماس البراهين على وجود الله فضول لا مبرر له فهي بذاتها البرهان الوحيد على أحقية أي شيء.

من أقوال التواقات:
- المعتزلة لهم منطق مقنع ، محاربتهم بهذا الشكل في عصور الخلافة لم يكن لسبب ديني بقدر ماهو بسبب سياسي. داليا تونسي
الدين محتوى والثقافة وعاء- د. سعاد الصبيحي
- شكراً تواقة لأننا قرأنا كتاباً من هذا النوع، مجال لم نكن لنقرأ فيه . نهلة حكيم.
- الكتاب كان تاريخياً دينياً فلسفياً ولم يكن يتطرق لموضوع واحد- هناء حسنين
- شعرت بعد قراءة الكتاب وفهم الديانات الأخرى وتاريخها بكثير من تسامح - هيفاء حسنين
- الكتاب يثير تساؤلات لها علاقة بالتاريخ لا يمكن الوصول لإجابات حاسمة بشأنها - منال شطا
- لو أنزل الدين الإسلامي في أمريكا مثلاً هل كان فهم الدين وتفسير النصوص سيتغيران بسبب تغير البقعة الجغرافية؟ - د.إلهام العويضي

كتابنا المقبل:
كتابنا المقبل بعنوان"روزنامة- أيام نتداولها" لسبعة كاتبات سعوديات ، كتاب عن أيام الأسبوع السبعة ، كل كاتبة تكتب عن يوم.
   قراءة ممتعة حتى نلتقي