الجمعة، 7 ديسمبر 2012

اللقاء الثالث (6)- في إشراقة آية

في إشراقة آية
أ.د. عبدالكريم بكار



تاريخ اللقاء:3-ديسمبر-2012
مديرة الحوار: عفت طرابزوني
افتتاحية:
بدأت مديرة الحوار اللقاء بالسؤال عن رأي الحاضرات في الكتاب بشكل عام، وقد أجاب الأغلبية أنهن لم يكملن قراءة الكتاب كاملاً لعدة أسباب: قال البعض لأنه ليس من الكتب التي تحتاج قراءة كاملة ومرتبة، بل يكفي الرجوع للفهرس واختيار الآية المرغوبة،أما البعض فقد قلن أن الكتاب به تكرار لبعض الأفكار وتطويل لبعض النقاط بينما أجاب البعض أن الأسلوب صعب وليس سلساً ومريحاً في القراءة.
وكون أن الكتاب يحمل وقفات فكرية للكاتب حول بعض آيات القرآن الكريم رأت مديرة الحوار أن تعرض بعض المعلومات حول التفسير والتأويل والفرق بينهما :
أولاً: بعض منهجيات تفسير القرآن:
التفسير:
التفسير لغة .: هو الابانة والكشف والإظهار .
اصطلاحاً : علم يفهم به كتاب الله تعالى المنزل على نبيه وبيان معانيه ، واستخراج حكمه وأحكامه .

وأنواعه:

   أولاً : التفسير بالمأثور:
هو تفسير القرآن بالقرآن أو بالسنة أو بأقوال الصحابة او
التابعين . وهذا التفسير لا يجتهد صاحبه من غير أصل ويتوقف عما لا طائل تحته ولا فائدة في معرفته . كلون كلب اصحاب الكهف . وعصا موسى من أي شجرة ونحو ذلك .
ومصادر التفسير
بالمأثور
..:  

-القـــــرآن:

أي تفسير القران بالقران . وهذا اشرف انواع التفسير واجلها . ذلك ان الاية ترد في موضع وترد اية في موضع آخر اكثر تفصيلا فتفسر الاولى بالثانية .
 الــسنة:
أي تفسير القران
بالسنة . فإنها شارحة له موضحة لمعانيه.
أقــوال الصحابة:

فإن لم تجد التفسير بالقران ولا بالسنة فعليك بأقوال الصحابة رضي الله عنهم . إنهم اعلم من غيرهم لمصاحبتهم لرسول الله وحضور مجالسه.
أقــوال التابعين :


فإن لم تجد التفسير بالقران ولا بالسنة ولا بأقوال الصحابة . فقد رجح كثير من العلماء الاخذ باقوال التابعين الذين تلقوا التفسير عن الصحابة . وقد اخذ بعض التابعين التفسير كله عن الصحابة .. ويشتمل تفسير ان جرير الطبري على كثير من تفسير التابعين .

الإسرائليات:
وهي القصص والاخبار المروية عن بني اسرائيل ( او النصارى ) .. وتتعلق بقصص القران واخباره .. وذلك انه دخل في الاسلام بعض اهل الكتاب من اليهود والنصارى وقد قرأوا في كتبهم ( التوراة والانجيل ) تفصيل بعض القصص التي اوردها القران .. فلما دخلوا في الاسلام صاروا يخبرون بهذه القصص .. فدخلت مجال التفسير بالمأثور
  • والإسرائيليات لها 3حالات :
  •     أن توافق ما جاء شرعنا : فحكمها القبول .. لا لذاتها وانما لما وافقته وهو القران .. ولنا في القران اتغناء عنها .
  •    أن تخالف شرعنا ..: فيجب ردها وعد الاخذ بها .
  • أن لا توافق ولا تخالف ما جاء به شرعنا ..: فتجوز روايتها ولا نصدقها ولا نكذبها .. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما انزل إلينا )


  • ثانياً : التفسير بالـرأي :

  • وهو التفسير بالاجتهاد , ولا يخلو ان يستند صاحبه الى الكتاب والسنة أم لا .. ولهذا فان هذا التفسير بالرأي ينقسم إلى قسمين : 

      - التفسير بالرأي المحمود :
    وهو التفسير الذي يستند صاحبه على النقل عن رسول الله وعن اصحابه .. والاخذ بمطلق اللغة وبما يقتضيه الكلام ويدل عليه قانون الشرع .. وهذا النوع من التفسير بهذه الصفات جــائز ..!

      -  التفسير بالرأي المذموم :
    وهو التفسير الذي يعتمد فيه المفسر على فهمه الخاص واستنباطه بالرأي المجرد من غير دليل .. وهذا النوع من التفسير حرام ولا يجوز ..!
الشروط الواجب توافرها في مفسرين القرآن :

أولاً : شروط دينية :
ومنها سلامة العقيدة من الاعتقادات الباطلة والمذاهب الزائفة فلابد ان يكون المفسر مسلماً

ثانياً : الشروط العقلية :
ومنها ان يكون قوي الاستدلال ، حسن الاستنباط ، وان يكون دقيق الفهم قادراً على الترجيح اذا تعارضت الادلة ومنها التجرد من الهوى

ثالثاً : شروط علمية :
وهي ان يكون عالماً بالحديث الشريف ، واللغة ، والنحو ،الصرف ، والبلاغة ، والقراءات ، وأصول الدين ، وأصول الفقة ، وعلوم القران كالناسخ والمنسوخ ، واسباب النزول.






الفرق بين التأويل و التفسير؟ و أيهما أكثر قداسة؟



  •  التفسير يتعلق ببيان المعنى في الغالب ، وأن التأويل له مفهومان صحيحان أحدهما يوافق معنى التفسير ، والآخر يراد به ما تؤول إليه حقيقة الشيء. 
  • التفسير أعم من التأويل، وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها ، وأكثر استعمال التأويل في التراكيب والجمل.
  • أن التفسير : بيان لفظ لا يحتمل إلا وجها واحدا ، والتأويل: توجيه لفظ متوجّه إلى معاني مختلفة إلى واحد منها ، بما ظهر من الأدلة. قال الماتريدىّ : "التفسير: القطع على أن مراد الله من اللفظ هذا ، والشهادة على الله أنه عَنى باللفظ هذا ، فإن قام دليل مقطوع به فصحيح، وإلا فتفسير بالرأي وهو المنهي عنه ، والتأويل : ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله " 

  • التفسير يتعلق بالرواية ، والتأويل يتعلق بالدراية ، قال الخازن في تفسيره : " الفرق بين التفسير والتأويل ، أن التفسير يتوقف على النقل المسموع ، والتأويل يتوقف على الفهم الصحيح " 


  • الراجح ـ والله تعالى أعلم ـ أن التأويل أعم من التفسير ، فكل مؤوِّل مفسِّر وليس العكس ، وهما مرحلتان في فهم كلام، فيكون التفسير مرحلة أولى ، والتأويل مرحلة ثانية تذهب إلى ما هو أبعد من التفسير وهي رد الكلام إلى حقيقته العلمية والعملية.




  • قيل أن التفسير قبل الوقوع ، والتأويل بعد الوقوع وامتثال الأمر. 

خضنا كثيراً في هذا الأمر وطرحنا كثيراً من الأسئلة وتكلمنا عن الفرق بين تقديس النص وتقديس تفسير النص، في النهاية أعطى الكتاب الحق لقارئ القرآن أن يقف وقفاته الفكرية الخاصة ويربطها بحياته.

ثانياً: لكل آية معنى و لكل آية أثر؟ 
فما هي الآية التي كان لها الأثر الأكبر في نفسك؟
كان هذا محورنا الثاني الذي تناقشنا حوله، تفضيلنا للآيات يتغير من وقت لآخر، يتأثر بحالتنا المزاجية والشعورية، الأجمل حين نشعر أن الآيات تخاطبنا على حسب احتياجنا، وقد كان للتواقات آيات مفضّلة سواء من داخل الكتاب أو من خارجه :
  • هناء حسنين: "يا أيتها النفس المطمئنة..." لهذه الآيات وقع خاص على نفسي لا أعرف سببه منذ أن كنت مراهقة صغيرة وحتى الآن.
  • بسمة حكيم: "إن خير من استأجرت القوي الأمين" لفتت هذه الآية نظري جداً وربما احتياجنا الآني للقوة والأمانة والفرق بينهما هو ما دعاني لتأملها أكثر.
  • ريم مغربي: "خلق الإنسان ضعيفاً" المزاوجة بين الضعف والرحمة رغم كل ما وصل إليه الإنسان من قوة وسيطرة يبعث الطمأنينة في النفس.
  • غادة جمجوم: "وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا"  هذه الآية تجعلني أصبر على كل أمور الحياة التي لا أفهمها وتصيبني بالجزع أحياناً.
  • نهلة حكيم: "فاستقم كما أمرت" لفت ظري حين تحدث الكاتب عن الدين المعلن والدين الحقيقي، نحتاج الآن بشدة التمسك بالدين الحقيقي وفعل ماهو مطلوب منا وترك الحكم على خلق الله للخالق.
  • ماجدة القاضي: "فويل لهم مما كتبت أيديهم" تثير هذه الآية في نفسي حس المسؤولية العميق .
  • أمل حميدالدين: "اتقوا الله ما استطعتم" هذه الآية مريحة، تشعرنا أن الله معنا ومقدر لمجهوداتنا ولقصورنا وضعفنا.
  • فدوى حكيم: "نسووا الله فأنساهم أنفسهم" هذه الآية تبرر لنا كثير من مشاكلنا في الحياة والتي تكون  بسبب نسياننا لذكر الله.
  • عفت طرابزوني: "وقل اعملوا" دائماً يرتبط العمل في ذهني بالإتقان وبالإنجاز وبمعان أخرى، لكنها المرة الأولى التي انتبه لما كتب الكاتب: العمل حرية..
  • أروى خميّس: "لتعارفوا" هذه الكلمة من الآية تجعلني أفكر في أبعاد عميقة لمفهوم الإنسانية والاختلاف والتعايش. 


ثالثاً: للكاتب مع الآيات وقفات فكرية ؟ فهل للكاتب وقفات تعارضينها ؟ ولماذا؟


تحدثت التواقات عن أسلوب الكاتب، ولعل أكثر ما لفت نظرهن إختلاف أسلوبه في بعض مقالات الكتاب عن بعضها الاخر ، والذي يبين المدة الزمنية الطويلة التي كتب فيها الكاتب وقفاته الفكرية (٢٠ عاماً)، من خلال تتبع أفكاره يظهر واضحاً التغير في أفكاره وفي منهجيته، وقد برر الكاتب هذا التحول في مقدمة الكتاب وقال أن بعض الأفكار لا تمثل رؤيته اليوم،وإن أي كاتب يحصل لديه كثير من التفكير والتطوير، وأنه ظهر في كثير من مقالات الكتاب بتفكير حتمي آلي، البعض قلن أن هذا عموماً هو أسلوب عبدالكريم بكار ولعل كتابه المعنون ب" هي هكذا" يبين الحتمية التي يتبعها في التعبير عن أفكاره، رغم ذلك تعجب البعض من تركه لآراءه التي كتبها منذ وقت طويل كما هي دون أن يغيرها ودون أن يؤرخ حتى لكل مقالة.


كما ظهر واضحاً اختلاف فهم القارئات لعدد من المقالات، عبرت البعض أنهن لم يتصاحبن كثيراً مع الكتاب وأفكار الكاتب خاصة فيما يتعلق بانتقاده الدائم للحضارة الغربية واعتقاده أن العالم الإسلامي يعيش في وضع أفضل، بينما قال البعض الآخر أنه وجد كثيراً من الجمل الذهبية التي تستحق القراءة مرة بعد مرة.



رابعاً :نظرية الضفدع المغلي:

عرضت مديرة الحوار لهذه الفكرة كموضوع مثير للنقاش مقتبس من إحدى صفحات الكتاب، من خلال هذه الفكرة تحدثنا عن التغيير والثبات والمجتمع، وأهمية التكيف مع عدم غياب الوعي بكل التغييرات من حولنا.



خامساً: كلنا نحب القرآن بل نعشقه، فهو أفضل و أرقّ مجدد لأرواحنا، و عقولنا و حتى أجسادنا، فكيف نجدد علاقتنا بالقرآن، حتى يكون له أكبر الأثر في حياتنا؟؟


اختتمنا لقائنا بالفيديو التالي:



كما أن فيديو رواء له علاقة بموضوع فهم القرآن:




تشويقة:
لقاؤنا المقبل سيكون مناقشة فلم Eat,Pray,Love والمقتبس من كتاب إليزابيث جيلبرت والذي يحمل نفس العنوان، الفلم بطولة جوليا روبرتس، تقول عنه فاطمة ناعوت في مقالها المنشور في 2010 في "المصري اليوم":
يحدث أن نخاصمَ «أرواحَنا» على مدى سنوات عمرنا، نغاضبها، نشاكسها، نُحبطها، نجهضُ أحلامَها، نخيّب توقعاتِها فينا.. ثم يحدث فجأة، عند منتصف العمر غالبًا، أن ننتبه إلى أن الوقت قد حان لمصالحة تلك الروح التى عذّبناها عقودًا طوالا، فنمضى بقية أعمارنا فى التودد لها، وتدليلها، ورأب صدوعها والمحاولة للوصول، بها، ومعها، إلى حال اتزان وسلام، وفق معاهدة، قد تستمر إلى نهاية الحياة. رحلةُ البحث عن ذلك السلام هى الرحلةُ التى قطعها عمر الحمزاوى فى رواية «الشحّاذ» لنجيب محفوظ. وهى الرحلةُ ذاتها التى قطعتها إليزابيث جيلبرت فى روايتها «Eat, Pray, Love» لتؤديها جوليا روبرتس على الشاشة فى فيلمها الأخير.
الرواية التى تصدّرت قائمة Best Seller فى أمريكا، وبيع منها ستة ملايين نسخة، قصّت فيها جيلبرت 108 حكايات ذاتية، بعدد حبّات خرز المسبحة الهندية، مقسّمة على ثلاثة فصول: الطعام، الصلاة، الحب، يحمل كلُّ فصل 36 حكاية، مما ينتمى لأدب الرحلات، قطعتها من نيويورك، مدينتها، متجهة نحو الشرق، حيث روما الإيطالية، لتجرّب متعة تناول الطعام دون حساب السعرات الحرارية والخوف من شبح البدانة، ثم تنزل جنوبًا نحو الشرق الأقصى حيث الهند، لتجرّب متعة الصلاة، والاعتكاف فى هيكل التأمل، وممارسة اليوجا وصولا إلى صفاء الذهن والروح. ثم تتوجه نحو جزيرة بالى الإندونيسية، لتجرب بهجة الحبّ وجنونه.

فيلمٌ ثرىٌّ بتعدد المشاهد فى أمكنة مختلفة من العالم، ومئات البشر من أعراق وجنسيات متباينة، ينتمون إلى حضارات وثقافات متنوعة، كان الرابط بينهم، جوليا روبرتس، ليزا، التى قطعت آلاف الأميال، بحثًا عن الاتزان الروحى، لتؤديها على أجمل ما يكون الأداء، بعينيها المشرقتين، كطفلة تتعرف على العالم، وعمق امرأة أربعينية وصلت إلى ذروة النضوج الوجودى، وشقاوة هِرّة لا تشبعُ من الحياة.  

وهنا عن الفلم:



وفرت توّاقة الفلم لكل التواقات ولكن من تريد أن تقرأ الكتاب بنسخته الإنجليزية أو ترجمته العربية فإن الكتاب متوفر في جرير وفيرجن، وسيثري النقاش حتماً تعدد المصادر ما بين الكتاب والفلم.



مشاهدة/ قراءة ممتعة حتى نلتقي