السبت، 17 مايو 2014

اللقاء الثامن والأخير من الموسم السابع-الرويس







سعيد السريحي

 جداول-2013
تاريخ اللقاء: 12-مايو-2014
مديرة اللقاء: د.أماني الرشيدي


حاولنا في أمسيتنا الأخيرة أن نستضيف الكاتب الدكتور سعيد السريحي، تواصلنا معه ولسوء حظنا فقد كان خارج المملكة، كنا نتمنى يا دكتور وجودك معنا في أمسيتنا، بدأت الدكتورة أماني بأن عرضت لنا أين ستبدأ أمسيتنا الرويسية  وإلى أين ستأخذنا:

•الرويس .. جغرافية المكان .. 5 دقائق
•الرويس .. رواية أم كتاب أم مذكرات ؟ 10 دقائق.
• دور الحكاية في حياة البادية ... 20 دقيقة
•المجتمع في الرويس قديماً .. 30 دقيقة
•الموت والحياة والاستمرارية .. 20 دقيقة
•ذاكرة المكان .. 30 دقيقة
•ما الفرق بين المنطقة القديمة والتاريخية ؟ 30 دقيقة
•دومينو .. فيلم وثائقي عن حقيقة تطوير حي الرويس .. 10 دقائق

أولاً: الرويس..جغرافية المكان:
الحفيرة والبحارة والغوانم والينبعاوية والنزلة والطائف أسماء للمناطق التي يتكون منها حي الرويس الذي يعد من أقدم أحياء جدة الذي أحتضن في بدايات قيام جدة صيادي الأسماك وعشاق البحر وأمواجه ومغامراته وأهواله ولهذا عرف بين سكان جدة بحي البحارة أو حارة البحارة الذين كانت مراكبهم وهواريهم وسواعيهم تملأ شاطئ بحر جدة الذي يجاور حيهم من الغرب، وكانت صنادق وعشش البحارة وصيادي الأسماك تشكل ذلك الحي في عهد مضى، ثم تحولت مع التطور والنمو إلى بيوت من البلوك مسقوفة بالخشب الجاوي وكانت موالات البحارة وأغاني الصيادين تتردد في جنبات الأزقة في الحي وهم يتوجهون مع إطلالة كل صباح حاملين مطارحهم وشباكهم وزادهم نحو مراكبهم الراسية على الشاطئ في رحلة صيد قد تستمر أياما للحصول على لقمة العيش الصعبة آنذاك.





كانت الدكتورة أماني من سكان منطقة الرويس وقد شرحت لنا تماماً أين هي الرويس في خارطة جدة الآن، وأين هي منطقة العشوائيات


ثانياً: الرويس .. رواية أم كتاب أم مذكرات ؟
•رأي الدكتور سعيد خلال الأمسية التي عقدت بمناسبة توقيع الكتاب في الغرفة التجارية بجدة : أن ما رصدته يعد رواية واقعية للحي قديما : بأسلوب روائي، وقال «حاولت في الكتاب أن أمارس كتابة حرة كأنما كنت أكتب لأهلي في الرويس إذا قرأوه قالوا: هذا نحن، ثم لا يسألون بعد ذلك عن جنس ما قرأوه أو تصنيفه». وأضاف «إنه كتاب بدائي بسيط جدا كأهل الرويس حاولت من خلاله استعادة طفولتي وذاكرتي في الحي واستعادة تلك البساطة التي كنا عليها». 
• هذا كان رأي الكاتب ولكن ما رأي التواقات ؟ 
بالنسبة لي كانت دراسة أنثروبولوجيا قصصية-كنت أرى فيها خطاً زمنياً وأفقياً واضحاً، مشاهداً عبر الزمان والمكان-كانت سيرة مجتمعية-دراسة إثنوجرافية إنسانية  تعطي معنى للمكان.
تحاورت التواقات حول لغة الرواية : اللغة رصينة ذات مفردات محملة بالمعاني والخيال ، كانت لغتها تذوب في الروح فتشعر بمعانيها كقطعة سكر تذوب في الفم وتشعر بطعمها-كانت الرواية تشبه فلماً بصوت وصور ونطاق مكان يتدفق في رأسي وأنا أقرأ ، الكاتب يكتب بثقة وسلاسة عن أحداث عجائبية يقنعك بها وصعب أن لا تصدقها- اللغة تستفز الخيال حتى أنك تشعر أن الشخصيات تنظر إليك وتنتظر منك تعاطفاً، كانت على قصرها ومقاطعها المحكمة كأنها: أليس في بلاد الرويس!

ثانياً: ما هو دور الحكاية في الحياة الاجتماعية للبادية ؟ 
"لا يخلو بيت من قبر مضمر يضم رفات قرية ماتت. تتداخل الحياة والموت ويتشابكان .. يضفي البحر صورة أخرى للموت، وبعداً مأساوياً ويتحول معه العيش إلى مصير مفتوح على الهلاك. في مواجهة لحظة جنائزية بامتياز، لا تبقى سوى الحكاية لاقتراح الموت كما يتمنونه. هكذا نحن أبناء الرويس، نبني بيوتاً بالحجر والطين والخشب والقش والحكايات، بين كل حجر وحجر حكاية، بين كل بيت وبيت حكاية». يتحول الأبناء إلى حكاية نسجها الآباء الذين هم بدورهم حكايات من نسج الأجداد. 
•«نحكي كي لا نموت. نحكي كي نموت حين نموت كما نريد». 
الرواية زاخرة بالحكاية فهل البادية موطن الحكايات ؟ هل الحياة من كانت تمنح البدو كل تلك التفاصيل أم أنهم من يشعلون الحياة في تفاصيلهم؟
حين طرحنا هذا السؤال على تويتر أجابنا الدكتور سعيد: "للحاضرة حكاياتها كذلك ، غير أني وريث لبادية توشك حكايتها أن تموت معها، كما أن للبداوة حظها من بؤس يتداوون منه بالحكايات" 
تحدثنا عن الحكاية والخرافة :كأداة "علاجية"، وكوسيلة لنقل المعلومات مع تصدر الثقافة اللفظية الشفهية، وكأفضل أداة توثيقية يمكن الرجوع إليها كذاكرة زمان ومكان معين.
القصص الغرائبية كانت مسيطرة ككثير من الثقافات الشعبية، يتوارثها الناس ويخلدون بها وجودهم.


ثالثاً: المجتمع في الرويس قديما:
مالفرق بين التحضر والحضر؟ 
البدو: مجتمع قبائل ، يعمل بالزراعة والرعي ، له نظام خاص به يعتمد على أفراد القبيلة ويعيشون غالباً على أطراف المدن وخارج أسوارها ، أما الحضر فهم اللذين ينتمون للمدينة ، لا يعملون بالرعي ولا بالزراعة بل لديهم نظام اقتصادي مختلف كما أن الأنظمة التي تحكمهم وتنظم المعيشة مختلفة أيضاً .

في هذا السياق كان أهل جدة ممن يعيشون في الحارات الأربعة القديمة داخل السور حضراً ومن يعيشون خارجه في قبائل متناثرة يعتبرون بدواً فهل اختلف مجتمع جدة قديما عن الوقت الحالي ؟

زخرت الرواية باختلافات اجتماعية عدة:

•البدو والحضر 
•الصيادون والتجار 
•العبيد والسادة
•اللهجات والمناطقية . 
في الرواية: "انتهينا إلى أن نكون بدواً في عيون الحضر وحضراً في عيون البدو" 
تحدثنا عن هذه المعضلة الاجتماعية والوقوف بين بين، تسائلنا هل أنشأ ذلك مساحة ثالثة ؟ ومتى تبدأ الأجيال بالشعور بالإنتماء؟ بعد ثلاثة أجيال؟ وهل تمحى تماماً الأصول الاجتماعية؟ ماذا عن اللهجات وتكونها ، هل تبحث المجتمعات عن الاختلافات في اللهجة والشكل والعادات والموروث الاجتماعي ويتمسكون بها ويقاومون المختلف كطريقة للتميز وتملك بصمة خاصة؟ أم أنهم يبحثون عن التشابه اللذي يجعلهم متقبلين منتمين داخل جماعة ؟ كيف لو وسعنا هذا المفهوم للحديث عن المهاجرين بين دول مختلفة ولا ينتمون حتى لنفس العرق ؟

رابعاً: الموت والحياة والاستمرارية :
شبح الموت كان مهيمناً في الحياة كما يصفه الكاتب ، بسبب الفقر والجوع وأنواع الأمراض والأوبئة ، فكانت الهجرة وكان النزوح من القرى إلى جدة والاستقرار في الرويس .. الغزوة التي حدثت ووجودهم خارج السور جعلهم في مرمى الضربات !! فكانت الهجرة من جديد والعودة بعد سكون العاصفة ..
•هل الموت كان طاغياً أم الأمل كان يولد مع الحياة كل يوم ؟ 
هل الفقد المستمر يخفف من الشعور به ويفقده هيبته؟ أم أن الحزن جوهره واحد مهما اختلفت أسبابه أو تعددت؟ الموت كان جزءاً من الحياة ، يلعب معه الناس ويراضوه حتى ينساهم إلى حين، تبادلنا كثيراً من القصص من موروثنا والتي كانت تدور حول الأسماء وعلاقتها بالموت، وكيف تغير الأسماء إلى أسماء لا يحبها الموت حتى يبتعد عن الطفل ولا يقترب منه كإخوته!   
تسائلنا عن سنة الرحمة التي أوردها الكاتب ووثقها في كتابه وقد مات الكثيرون فيها فأجابنا الدكتور سعيد بأنها كانت في بدايات القرن الهجري الماضي وهي السنة التي ظهرت فيها الوافدة الإسبانيولية 1918 وهي نوع من الإنفلونزا القاتلة ، علقت التواقات على الإسم: كيف يرونها سنة رحمة وقد حصدت أرواح الكثيرين؟ لماذا يسمون الشيء بعكسه أم أنهم- كما قال الدكتور سعيد- يبحثون عن العزاء ويرون في الموت طريقاً يوصلهم إلى جنة تعوضهم عن بؤس دنياهم.
هل تختلف نظرة الناس للموت وتعاطيهم معه من بيئة لأخرى ؟ هل الحياة المترفة تصعب التعامل مع الموت وتداعياته؟ لأي درجة يكسب الموت والفقد الأرواح صبغة من جلال وعمق؟

 خامساً :ذاكرة المكان
•من يصنع الذكريات المكان أم سكان المكان ؟ 

هل نتمنى الرجوع إلى نفس الأماكن التي أحببناها؟ طالما اختلف الزمان فلن يكون المكان هو نفسه أبداً، إنها ذكريات وارتباط لا يصنعه إلا ذلك التمازج بين الزمان والمكان ، الناس وروح الأشياء.

•هل الرحيل والترحيل متساويان ؟ ماذا عن الهجرة ؟ 
حين نترك منازلنا برغبتنا إلى منازل أكبر وأجد فهل نحمل ذات التأثير حين نضطر إلى ترك بيوتنا وأماكننا تحت أي ضغط إلى مكان آخر؟ هل التعايش مع خط تطور المدينة يشكل ضغطاً بطريقة أو بأخرى؟ ماذا عن ذلك الرجل الذي تحدثنا عنه والذي رفض ترك جدة القديمة رغم نزوح كل أهله وناسه إلى الشمال لأن ثمة حكايات كثيرة هنا تحفظها الجدران كما يقول ولا يريد أن يخون هذه الحكايات، هل الزمان يمضي والمكان متوقف؟
في الرواية كان ثمة حزن خافت مكتوم وصوت مستسلم حانق من زحف أهل جدة من داخل السور إلى خارجها ، من نزوحهم إلى الرويس بملابسهم وبيوتهم وأشكالهم المختلفة، حتى دق المسمار الأخير في النعش: التعليم وافتتاح المدرسة والذي حتماً غير حتى التركيبة الإجتماعية والسلم القيمي والنظام الاقتصادي في مجتمع الرويس.


سادساً: ما الفرق بين المنطقة القديمة والتاريخية ؟

•الرويس منطقة قديمة وليست تاريخية ... هل تعتبر منطقة تراثية يجب المحافظة عليها ؟ 

•ما الفرق بين المنطقة التاريخية والمنطقة القديمة ؟ 

•هل الرويس حي عشوائي ؟ ومتى يكون الحي عشوائي ؟ 
•كيف نجحت دول أخرى في تحويل عشوائيات إلى أحياء راقية ؟
تحدثت معنا الدكتورة أماني عن مشاهدتها التي تذكرها من الرويس القديمة: وجود مناطق فيها عشش وبيوت غير منتظمة، الشوارع الضيقة التي تنقصها الإنارة والتي لا تسمح بدخول السيارات حتى سيارة الإسعاف. 
إذن في حالة عدم وجود خدمات أساسية ومهمة هل يتم تطوير الحي مع الإبقاء على سمته الأساسي؟ ماذا لو كانت حتى البيوت تحتاج إلى هدم وإعادة بناء وليست بناء تاريخياً له قيمة جمالية كأحياء جدة القديمة مثلاً؟ في حالة هدم الحي وتم إعادة بناؤه مرة أخرى هل ستبقى روح المكان وذكرياته؟
هنا بعض الصور من الرويس وجدة القديمة وتبين الفرق بينهما:










تناولنا فكرة ذاكرة المكان الشبحية: بناء الأبنية والمساكن والعمائر الطويلة التي بسهولة تنتقل ملكية شققها، إيجارها،السكن فيها من شخص لآخر، هذه فكرة رأسمالية تقضي على الذاكرة الحميمة للمكان، ولا تبقى مجموعة تشعر بملكيتها وحميمتها مع المكان، إذن، نمط العيش الحديث يؤسس ذاكرة مكانية جديدة؟ أم أنه لا يحتفي أصلاً بذاكرة المكان ؟
استعرضنا عدداً من التجارب حول العالم في الحفاظ على هوية المناطق وسألنا سؤالاً أخيراً: في قضية الرويس، هل تعلمت جدة من أخطائها؟

سابعاً: فلم دومينو:
لم يكن لدينا وقت كاف لمشاهدة الفلم والتعليق عليه خلال اللقاء ولكن هانحن نضع رابطاً له لمن أراد المشاهدة:
http://www.youtube.com/watch?v=APpXN-g4lRQ


ختمنا موسمنا السابع بهذا اللقاء، سنضع عما قريب نتائج الإستبيان حول الموسم، كما أننا سنتواصل عبر تويتر لتبادل قوائم الصيف القرائية..
شكراً لكل التواقات، مديرات الحوار، الكتب، وكتّاب الكتب، شكراً لكل اللذين استضفناهم وللمتواصلين معنا، ولكل من تابعنا..
شكراً لكل من يشعر أن الكتب تجعل العالم مكاناً أجمل  وتساعدنا على فهم الحياة والناس بشكل أسهل 
صيف جميل أينما تكونوا وقراءات ممتعة ومحلقة على أجنحة الكتب 
انتظرونا في الموسم القادم:-)